الرئيسية Español مواقع صحراوية إتصل بنا  
 

الدولة الصحراويــة

السفــارة بالجزائـر

تاريخ الصحراء الغربية

جبهـة البوليساريـو

المناطـــق المحتلـة

مخيمــات اللاجئيـن

الثقافة الصحراويــة

 أرشيف الأخبـــار

 

الجيش الوطني الصحراوي

 ــ لمحة   تاريخية   موجزة:
     منذ   30   سنة   تقريبا   وفي   ظروف  تكالبت  فيها  كل  شروط  استعباد  الشعب  الصحراوي   والتآمر  على   مصيره.  وفي  وجه   استعمار   فاشي  لا يرحم،  ونظام   ملكي  متربص، وانعدام   شبه   مطلق  للإمكانيات   المادية  وقلة عدد  وتخلف   اجتماعي   وتقني  وتجربة   سياسية   قصيرة  العمر  ولدت   الجبهة  الشعبية  لتحرير   الساقية  الحمراء   ووادي  الذهب.ولدت  في   عمق       الوطن   من  رجال  لا يعدون  بالآلاف  ولا  حتى  بالمئات   بل  بضع  عشرات  فقط.  وبعد  عشرة   أيام   وتحديدا   يوم  20  ماي  1973  تم  تفجير   الكفاح      المسلح   من  طرف   أول  وحدة   مقاتلة   لجيش   التحرير  الشعبي  الصحراوي   من   خلال  مهاجمة   مركز  القوات  الاسبانية   بخنكة  آفرا.

مجرد  17  مقاتلا   لا  يمتلكون   غير  ثماني  بنادق  بدائية   وخمسة  جمال  وقليل   من  الذخيرة   والماء، تلك   هي  النواة  الأولى  للجيش   الصحراوي،  لم  يكن  بينهم  خريجو  مدارس  وأكاديميات  ولكن  رجال  مؤمنون  بحق  شعبهم عازمون   على  بذل  أرواحهم   وتسخير   حياتهم  لخدمته  ومقتنعون   ان   الاستعمار  لا  يعرف  من  لغة  غير   لغة  النار  والحديد.
 وقد  اعتمد  جيش  التحرير  الشعبي   الصحراوي  خلال  هذه  الفترة  أسلوب  حرب   العصابات  المعتمدة   على  سرعة  الحركة   وخفة  الوحدات  وضرب     المواقع   الأكثر   ضعفا  وعزلها   مع  التكثيف  من  الاغارات  الخاطفة  والمفاجئة   والكمائن. ومع   معركة  كانت 

وحدات   الثوار   تزداد  تمرسا    وخبرة  قتالية  وتتطور   امكاناتها  البشرية   من  خلال  الالتحاقات  المتزايدة  بصفوفها  و التسليحية  من  خلال  المعدات  التي  تغنمها   من  قوات  العدو  حتى أصبح  في   إمكانها   في   نهاية 1974   خوض   أعمال   قتالية   نوعية.
وقد  تحالفت   في  نفس  الفترة  القوات  الاسبانية    والمغربية  في  محاولة   تصفية  الشمال  في  حملة  دامت  ثلاثة  أيام. ورافق  هذا   التطور  العسكري عمليات   فدائية  جريئة   داخل  المدن  واختطاف  الدوريات  العسكرية  الاسبانية.
ولم  تمض  غير   سنتين  وبضعة  اشهر  حتى  كانت  القوات   الاسبانية   مجبرة على  الانسحاب  من  العديد  من  المناطق   أمام  ضربات  جيش  التحرير الشعبي   الصحراوي   المتوالية، بل  لقد  اضطرت اسبانيا أمام  الانتصارات والضغط   العسكري   على  الدخول  في   مفاوضات  مع  الجبهة  في 9  سبتمبر
1975 . ولم  يصل  شهر   أكتوبر  1975   حتى   كان  جيش   التحرير  الشعبي  الصحراوي   سيدا   على  غالبية  التراب  الوطني  وكانت   وحداته  رغم   تواضع  تسليحها    الخفيف  في  غالبيته   وسياراتها  القليلة  والمغنمة   من  القوات   الاسبانية، قد   تطور    من  الناحية   التنظيمية، فبعد  أن  كانت  نواته في   مايو   1973   لا  تتعدى  سبعة  عشر  رجلا  أصبحت  وحداته  تتوزع   بين  ناحيتين:  الناحية  الجنوبية   والناحية   الشمالية، وكان   أول   فيلق  يدخل مركز  التدريب  باجنان  بورزك    بالجزائر.

ب ـ مراحل  تطور  الجيش   الصحراوي:
 
1 ــ مرحلة  الدفاع  الايجابي: أكتوبر 1975 ــ يونيو 1976
        في  31  أكتوبر  1975  شرعت  القوات  المغربية   المدججة  بأحدث  الأسلحة  في  اكتساح  التراب  الصحراوي  مدعمة  بالقوات  الموريتانية  الزاحفة  من  الجنوب، أمام  أنظار  العالم  المتفرج.هذه  القوات  التي  لم  تتراجع  عن  ارتكاب أبشع  الجرائم  في  حق  المدنين  الصحراويين: من  قصف  بالنابالم   والفسفور، و الدهس  بجنازير الدبابات وإحراق الممتلكات  ورمي  من  الطائرات، وحفر مقابر  جماعية  لدفن  الأحياء، وبإيجاز  كان  الغزو  مشروع  ابادة   شاملة  بكل ما  تحمل  هذه  الابادة  من  معاني  القسوة  والبشاعة. 

هذه  الظروف  رغم  ما  اتسمت  به  من  شراسة  وقسوة  لم  تفرض  على  جيش التحرير  الصحراوي   التقوقع   أو  التسليم  بالأمر   الواقع، بل  وقف  من  خطة الدفاع  الايجابي  بالمرصاد  لمشروع  الابادة:  وقد   تمثلت    هذه  الخطة  في:
 أ ــ تأمين  المواطنين   الصحراويين   الفارين   أمام  القوات  الغازية، ونقلهم  إلى  مناطق  آمنة.
ب ــ التصدي  للقوات  الغازية  لتعطيل  زحفها،  وتكبيدها  اكبر  قدر   ممكن  من  الخسائر  ضمن   عمليات  مدروسة  اعتمدت  المفاجأة ،الاستعمال  الجيد  للأرض  والدرجة  العالية   في   الحركة  والمناورة   القتالية.

ج ــ ضرب  مؤخرة  العدو  والتأثير   على  محاور  إمداده   من  جهة  ولكن  كذلك  على  معنوياته   من   خلال  ضربات  في  العمق  استهدفت  ابعد النقاط.
 وهكذا  عرفت  هذه  المرحلة  عمليات  متعددة  الشكل:اغارات،  كمائن،
معارك موقعية، اختراقات العمق، ضربات  وراء  الخطوط  الأمامية، التصدي  لحملات التمشيط   الكبرى وكانت  هناك  معارك  كبرى   مثل  أمقالا   في  13 ـ 14 فبراير1976  حيث  قضي على  لواء  مغربي   بالكامل، لتتوج   هذه  المرحلة من   الحرب  بالعملية   البطولية  التي  استهدفت  العاصمة   الموريتانية  نواكشوط، وقادها  الأمين  العام   ومفجر  الثورة  الشهيد  الولي  مصطفى   وسقط  خلالها   شهيدا   يوم  9 يونيو 1976.
 
2 ــ هجمة   الشهيد  الولي: يونيو1976 ــ ديسمبر1978
كان  هجوم   نواكشوط   بمثابة  الإعلان  عن بداية   المرحلة  الهجومية  بعد ما استوفت  مرحلة  الدفاع  الايجابي  أهدافها،قررت  الجبهة  الشروع  في  هجمة   شاملة   أطلق   عليها    اسم  هجمة  الشهيد  الولي   مصطفى، وقد  تمثلت  أهم   محاورها فــــــــــي:
أ ــ توسيع   جبهة   القتال  لتشمل  التراب  الموريتاني   والجنوب   المغربي  وكل    التراب   الوطني.
ب- ضرب تواجدات  العدو في كل مواقعها من  خلال  عمليات  تكاد  تكون  يومية   على  طول  جبهة   تتجاوز  5000 كلم   حسب   ما  تمليه  طبيعة الأرض  والقوة   المهاجمة.
ج ــ استعمال  كل   تكتيكات  الحرب  المعروف   بالمزاوجة  بين حرب العصابات  وحرب   المواقع.
د ــ مهاجمة   الأهداف  الاقتصادية، وعصب  الإمداد  والدعم  لهذه  الجيوش.
كما  عرفت  هذه   المرحلة  انهيار القوات   الغازية، وهو ما  حذا  بفرنسا  القوة الراعية  للدولتين  الغازيتين  وذات  العداء  التاريخي  لأي  نهج  وطني استقلالي بالمنطقة والمتربصة بالشعب  الصحراوي  منذ  بداية القرن  العشرين 
بالتدخل.   هذه  القوة  الاستعمارية  التي حاولت  من  خلال  محور باريس ـ الرباط ـ نواكشوط  ليس  فقط  غزو  الصحراء  ولكن  كذلك  تطويق  الدولة  الجزائرية وإضعافها  من  خلال  إحداث  انقلاب  في  موازين  القوى  لصالح  النظام  المغربي، وهي  الاستراتيجية  التي  لازالت  فرنسا  تعمل  عليها  بمختلف  الصيغ والإشكال  تحذوها  طبيعتها الاستعمارية  والمصالح  التي تمليها عليها، وحقدها  التاريخي  على  الشعب  الجزائري  الذي  أخرجها  صاغرة  من  وطنه من خلال حرب تحرير وطنية  كانت  قدوة  ومثالا لكل  شعوب  المنطقة.
      أمام  التطور  النوعي  لمعارك  الجيش  الصحراوي  وتنامي  قدراته  وامكاناته  القتالية  والضربات القاسية  التي وجهها  للجيشين الغازين  خلال هذه المرحلة، والخسائر اليومية في الرجال والعتاد، تدخلت  فرنسا  بنفسها  وبصورة مفضوحة في المعركة من خلال مهاجمة المقاتلين الصحراوين بطائرات الجاكوار.وهنا لا بد من الإشارة إلى التطور التنظيمي الذي  عرفه الجيش الصحراوي  خلال  هجمة الشهيد الولي مصطفى الشاملة إذ تم تنظيمه إلى قطاعات  عسكرية حسب التوزيع الجغرافي والمناطق الموكول ممارسة الحرب فيها إلى كل قطاع، فكانت  كالتالي:
  الجنوب الشرقي ــ الجنوب  الغربي ـ الوسط ـ الشمال والشمال الشرقي. هذا  إضافة  إلى التطور على مستوي  وزارة  الدفاع والأركان العامة، إضافة إلى مستوى التأهيل القتالي من خلال التدريب لدى الدول الصديقة  والجزائر بالدرجة الأولى ،وانوية لمدارس تدريب  وطنية.
    أما  من الناحية الميدانية فقد استطاع جيش التحرير الصحراوي  تسجيل مئات العمليات المختلفة النوع ، وعلى  طول جبهة تزيد على 5000 كلم من أقصى الجنوب  الشرقي  الموريتاني حتى الجنوب المغربي، مما اجبر القوات  المغربية على تغيير تشكيلاتها وتكتيكاتها  أكثر من مرة في محاولة منها لاستعادة المبادرة العسكرية التي انتزعت منها منذ البداية، فتبنت في مرحلة أولى  استراتيجية الانتشار بالمناطق الصحراوية والتمركز في القرى  والمدن مما جعلها معزولة عن بعضها وسهل شل خطوط إمدادها، مما حذا بالجيش المغربي ومن وراءه  المختصون الأجانب  إلى  انتهاج  إستراتيجية وحدات التدخل(   D-I-R  ) ومحاولة صحروة الحرب من خلال التجنيد القهري للصحراويين في هذه  الوحدات، لكن ذلك  كله  باء بالفشل إذ استطاع  الجيش الصحراوي  أن يسجل الملاحم التي ستظل خالدة في المآثر العسكرية ليس فقط في التاريخ الصحراوي  وإنما في التاريخ العسكري  العالمي.

3 ــ هجمة  الرئيس  هواري  بومدين  :يناير 1979 ـ أكتوبر1984 .
    كانت  خاتمة  هجمة الشهد الولي سقوط  نظام ولد داداه  وخروج  موريتانيا من الحرب منذ منتصف شهر يوليوز 1978 ،وإعلان الجبهة وقف إطلاق النار من جانب واحد.وفي  يناير  1979  أعلنت الجبهة  الشروع  في الهجمة الشاملة التي أطلق  عليها  اسم الرئيس الجزائري الراحل المرحوم  هواري  بومدين، عرفانا وتخليدا  لذكرى هذا الزعيم الذي  آزر الشعب الصحراوي  في أصعب  فترات تاريخه.وقد  تركزت  جهود الجيش  الصحراوي كلية  نحو الجيش  المغربي،  الذي  سيعرف خلال  هذه الهجمة  أسوء  هزائمه، وافدح  خسائره. ومن أهم  الملاحم  معركة  لبيرات  التي  وصفتها  الصحافة  الدولية  بأنها  ديان بيان  فو الصحراوية، ومعركة  السمارة  التي  حرر فيها 850 مواطنا   صحراويا  والمحبس  التي تم  فيها

  التدمير  الكلي  للقوات المغربية  المتمركزة  بالحامية والتي  كان  تعدادها ستة  آلاف جندي، إضافة  إلى  العشرات من  الملاحم  الأخرى  التي  أجبرت  القيادة  العسكرية  المغربية  على  تغيير نظام  قواتها وتشكيلاتها  سواء  من حيث  العدد أو  التسليح، فظهر  ما  عرف بالألوية  الممكننة ( B-MECA )  إضافة  إلى تجريدتين  عسكريتين  كبيرتين  تعملان بشكل مستقل  ومتوازي  مع بقية  الجيش ,   وهما ما عرف  ب : الزلاقة  وأحد ، فقوات أحد التي  كان  يقودها الجنرال الدليمي  والتي  حاولت فك  الحصار  عن مدينة  الزاك  المحاصرة من طرف  الجيش الصحراوي، تعرضت لأشر الهزائم، وفر  قائدها  الجنرال

  الدليمي، وذلك في نهاية  شهر ابريل1980 . ولم تكن قوة  الزلاقة  بأوفر حظا  من  أحد ،فقد  تعرضت في شهر مارس 1980  لأنكر الهزائم وتفككت  وحداتها  في ملاحم  الواركزيز التي اسفرت عن مقتل ما  يزيد عن 1531 عسكري  مغربي واسر العشرات. 
إن جسامة  خسائر القوات المغربية  خلال هذه الفترة الوجيزة  الفاصلة ما  بين يناير1979  وماي 1980  والتي  جربت فيها  القوات  المغربية  كل أصناف  التشكيلات  والأسلحة  والتي لم تقدها سوى  من هزيمة إلى  أخرى  اكبر هي  ما حذا  بها  وبالخبراء  الأجانب  وخاصة الاسرائليين  والفرنسيين  إلى  اللجوء  إلى
استراتيجية  بناء  الأحزمة  الدفاعية  والتي  بدأت  آنذاك  حول ما أسموه  بالمثلث النافع ( العيون ـ السمارة ـ بجدور).
* أما  أهم  خلا صات  هذه المرحلة  فيمكن  إجمالها  في:
1 ـ تصاعد  العمل العسكري  باتساع  رقعته  لتشمل  أقصى  الجنوب  المغربي
حيث  وصلت  هجمات  الجيش  الصحراوي إلى  امحاميد  الغزلان.
2 ـ التحكم في زمام المبادرة  واختيار  موقع  ووقت الهجوم  وطبيعته  من  طرف الجيش  الصحراوي.
3 ـ تحرير ثلاثة  أرباع   التراب  الوطني.
4 ـ التحول النوعي الذي  عرفته  القوات  المسلحة  الصحراوية  في مجال التنظيم  والتكوين، فقد  تم  تطوير  الاركانات  والتشكيلات  بما  يتلاءم  ومتطلبات  الظروف  والضرورات  الميدانية  لجيش  عصري  ذو قتالية  رفيعة  فبرزت  آنذاك  النواحي   العسكرية  ونتج  عن  هذا  التطور  التنظيمي تطور  وفعالية  في  أساليب  القيادة  والإشراف .

4 ــ هجمة  المغرب  العربي  الكبير :أكتوبر1984  حتى وقف إطلاق النار  سبتمبر1991
الميزة الأساسية لهذه المرحلة هي مواصلة القوات المغربية  لتخندقها خلف الأحزمة، وبناء المزيد  منها حتى بلغت ستة  أحزمة  وتتألف هذه الأحزمة  من  سوا تر  رملية  يصل ارتفاعها إلى مترين  بعرض مترين  تتقدمها  الأسلاك  الشائكة وحقول  الألغام  وإلى الخلف  منها  خنادق  ال م/ د  وزرعت  على  طول
امتداداتها  التحصينات الدفاعية  ونقاط الإسناد  والمراقبة ، أما  مراكز  القيادة  فهي  على  شكل  ملاجي  مخفية  تحت  الأرض ،تفصل  بينها  مسافات  متقاربة متوسطها  5  كلم. وقد تم  وضع  نظام  حديث  من  الحواسب  المرتبطة  بالأجهزة الرادارات  الالكترونية   والتي  باستطاعتها  كشف  أية حركة على  مسافة قد  تصل إلى  60  كلم.  أما  داخل  الأحزمة  فمجزأ إلى  خطوط  دفاعية:
الأول: يحتوي على  قواعد  المدافع  عديمة  الارتداد  وبطاريات  الرشاشات 5 ، 4 1  ملم  و23 ملم  والصواريخ ال م/ د .
والثاني : على مسافة 7 كلم  من  الأول  ويتألف من  بطاريات  الهاونات  المختلفة  العيارات  تتباعد مواقع  نصبها ب 15  كلم الواحدة  عن  الأخرى  مدعومة بمدافع 155 ملم   المجرورة  والذاتية الحركة.أما  وحدات  التدخل  فتتمركز بين  الخطيين، كل  ذلك  تحميه  وتدعمه  قوة  استطلاع   جوية حديثة وطائرات  مقاتلة  مختلفة  الأنواع.
وقد أنشى  الجدار الأول  في غشت 1980  والثاني  في فبراير 1984   وهو  مكمل  للأول  ويشمل  المناطق  الممتدة  من  بوكراع  إلى  آمقالا  وصولا  إلى حوزة. والثالث  في  ماي  1984  ويحيط  بالجديرية. وفي  الفترة الفاصلة بين  يناير  وغشت 1985  تم  إنجاز  الحزامين  الرابع  والخامس  الممتدين  من  الحدود  الجزائرية  شرقا  حتى  جنوب  مدينة  الداخلة، أما  الجدار  السادس  والأخير  فتم  إنجازه عام 1987  من  طارف المخنزة  إلى  الكركارات  على  ساحل المحيط  محاذيا  لمساحات  واسعة  من الحدود مع موريتانيا. وقد  تمركزت  بهذه  الأحزمة  التي  بلغ  طولها  مجتمعة 2720  كلم  قوات   تقدر  ب  170 ألف  جندي  تدعمها 25  ألف  من  القوات  الجوية.

لكن  هل  استطاعت  خطة  الأحزمة   وقاية الجيش  المغربي  من  ضربات  الجيش  الصحراوي؟

بالطبع  لا  فالوقائع اللاحقة  تثبت أن  هذه  الأحزمة  كانت  فخا  للجيش  المغربي أكثر  مما هي  في صالحه،وأنها  كغيرها  من  الاستراتيجيات  السابقة  عاجزة  عن  تحقيق أي  مردود  عسكري.وقد لجأ  الجيش  الصحراوي إلى  حرب  الاستنزاف  لإنهاك القوات المغربية  نفسيا  وماديا،ليقوم  بعد  ذلك بعمليات  اختراق  ضخمة لهذه  الأحزمة  ويحولها  إلى  عوامل دمار  للقوات  ال مغربية ،وقد  دارت  العديد من المعارك  داخل هذه الأحزمة  منذ  بداية  هجمة المغرب  العربي الكبير حتى  توقيف إطلاق  النار نذكر  منها على  سبيل المثال  معركة  ازمول  النيران، أم لقطة، الشيظمية، تشلة،أعظيم أم أجلود، معارك أم الدقن  التي أسر فيها العقيد  المغربي لعبيدي  عبد السلام  قائد اللواء  الثالث، وكثير  من المعارك  الأخرى . بإيجاز لم  تكن  خطة  الأحزمة الدفاعية  بأحسن من الخطط  المغربية  السابقة  وذلك لعدة  اعتبارات  نذكر  منها:
1 ـ أنها  لم  تستطيع  حماية الجيش  المغربي من ضربات  جيش التحرير الشعبي  الصحراوي.
2 ـ أنها بعثرت  القوات  المغربية على جبهة  طولها  أزيد  من 2000  كلم  بكل  ما يعني ذلك من مشاكل الإمداد والنقل وغيرها  وصعوبة صيانة العتاد في
ظروف  قاسية  وحالة شلل هذه  الأسلحة  المدفونة في الرمال ولسنوات  عديدة.
3 ـ ارتفاع  تكاليف الحرب  مجهود  الحرب  الذي  كان سنة  1980  يــــــــــمثل 4 ،7 1 %  من  مجموع   ميزانية  الدولة  المغربية  ليتجاوز ثلاثة  ملايين     دولار أمريكي  يوميا  في  المراحل  اللاحقة  وهي  تكاليف لا قبل للدولة  المغربية  لتحملها  بعد شح  المساعدات  الخارجية  ولا  جدوائيتها.
4 ـ فقدان الجيش المغربي  وخسارته  النهائية لأي مبادرة هجومية، وبقائه  أسير   مواقعه  الدفاعية  يتلقى  الضربات  المستمرة  والموجعة  من طرف الجيش  الصحراوي .
رغم قلة  العدد والعتاد، وظروف  التكالب  والتحالفات  التي  وفرت للمغرب الإمكانيات  والخطط  فإن الجيش  الصحراوي  وخلال 18 سنة  من الحرب  المتواصلة  استطاع  أن  يؤكد قوته  وقدرته على افتكاك النصر.وما  علينا  للتأكد من هذه الحقيقة سوى معرفة أن هذا  الجيش استطاع  أن  يخوض أكثر من 2000  ملحمة  حربية أسر خلالها  أزيد  من3000 عسكري من مختلف الرتب  والمستويات  وخسائر بشرية تعدت 000 .00 1  ما بين قتيل  وجريح، ناهيك  عن الخسائر المعتبرة في  العدة  والعتاد التي  شملت  إسقاط  77     طائرة  حربية  مختلف الأشكال  والأصناف  ابتداء  من الحوا مات  إلى  طائرات  الميراج وال
C130  وال  JAGUAR  ، مع تدمير أكثر من 8000 آلية قتالية  مختلفة  من  الجيب  إلى  الدبابة  الحديثة  و21 قطعة  بحرية  ما بين  الزوارق  والبواخر بالإضافة  إلى  7  قطارات  برية   والكميات  الهائلة من مختلف أنواع الأسلحة  والذخائر إضافة  إلى الغنائم الضخمة  التي وصلت 2086 آلية  مختلفة، وأكثر  من 12000 قطعة من  مختلف أنواع  السلاح  وحوالي  800  جهاز اتصال  وغيرها  من المعدات  الحربية.إما  الخسائر المعنوية  فأكبر  بكثير،وهي  مرشحة  للزيادة  والتضاعف في حالة عودة  الحرب.

أما  من  الناحية  الهيكلية  فإن  الجيش  الصحراوي   يتوزع   إلى  7  نواحي  عسكرية   منها  6  قتالية  أمامية   والسابعة  للإسناد  والشؤون  الإدارية. ذو هيئة أركان  عامة  ووزارة   دفاع   تتفرع   عنها  مديريات  مركزية 

متخصصة تعنى  بالميادين التالية:
ـ مديرية  الأفراد.
ـ مديرية  الحماية.
ـ مديرية  التوجيه  المعنوي.
ـ مديرية  الإمداد.
ـ مديرية  الصحة  العسكرية.ـ مديرية  الإشارة.
ـ مديرية  التدريب  والعمليات.
ـ مديرية  شؤون  الشهداء.
ـ القضاء  العسكري.
ـ الدرك  الوطني. 

 أما   من  حيث  الوحدات القتالية  بالناحية  العسكرية  فهي:
ـ فيالق ( مش ميكا، مش مح )
ـ أفواج : مدفعية ميدان ،مدفعية م/ ط.
ـ كتائب ( سرايا  مختلف  الأسلحة). 

         بعد  ما  تطرقنا  للملامح  الأساسية  للوضع  العسكري  غداة  الإعلان  عن  توقيف   إطلاق  النار في  6  سبتمبر 1991 .يمكن  ان  نتساءل ففي  مصلحة  من كان توقيف  إطلاق  النار؟ هل  هو في  مصلحة  الجيش المغربي  القابع  وراء  تحصينات لم تعد تجدي في  رد ضربات جيش التحرير  الشعبي  الصحراوي  عنه؟ أم في  مصلحة الجيش  الصحراوي  المتـأهب  لقطف نتائج  حرب  الاستنزاف ومعارك اختراق  تحصينات وعمق العدو؟.
بالطبع كان توقيف إطلاق  النار هو الوسيلة التي لجأت إليها القوى  الحامية  للمغرب، وعن طريق المنظمة الدولية  لمنع  هزيمة محققة لجيش خارت قوته، وانهارت  معنوياته،وفشلت  جملة خططه، ولإنقاذ بلد لم  يعد باستطاعته  مواصلة
حرب  مكلفة  لا يتحملها  اقتصاد  يعيش على  الصدقات  والهيبات  الخارجية ، ومجتمع  أصبحت  البطالة  وتردي ظروف  المعيشة  وتدني  الخدمات  الاجتماعية  مؤشرات  محققة  لانفجار يصعب احتواؤه.هذه  المعطيات  الميدانية آنذاك  هي التي دفعت بالقوى الراعية للمغرب  وفي  مقدمتها  فرنسا إلى  التلويح بالحل العادل لقضية الصحراء عن  طريق الاستفتاء  الحر والعادل  والذي  كان  مقررا في يناير 1992 .ولكن بعد مضي ما  يقارب 12 سنة  من توقيف إطلاق  النار  أصبح  من الواضح  ان  العملية كانت مجرد  ربح  للوقت  وتأجيل لهزيمة المغرب،وان  الإرادة  السياسية  لحل عادل للقضية مفقودة  لدى  الطرف  الآخر. 
بعد مضي  هذا الزمن  كله ، يمكن  ان  نتساءل  هل  من  مصلحة  المغرب
العودة  إلى  الحرب؟ والجواب  الواضح  لا ولعدة  اعتبارات:

1 ـ ان  المغرب  لو كان يمتلك  أدنى  حظ  في حسم  المعركة  عسكريا  لصالحه    لما  تردد  لحظة واحدة  في القيام  بذلك.وهو الذي عودنا  طيلة  تاريخه  الحديث على  الاستهتار  بكل الشرائع  والقوانين الدولية،سيما  وأن قوى  فاعلة على  الساحة الدولية  لازالت ترعاه  وتحميه.
2 ـ أن الجيش المغربي  المدفون في  رمال الصحراء  ذاق حلاوة  السلم  بعد ان   تجرع  مرارة الحرب  ودمارها.وان الرجوع للحرب  بالنسبة له  هو للجحيم،  سيما  وأن  غالبية كوادره  المتمرسة  أما  قتلت  خلال  سنوات  الحرب أو  أعفاها  كبر  سنها  من  الخدمة  العسكرية. 


3 ـ أن الاقتصاد المغربي  المتدهور  باستمرار عاجز عن  تحمل  حرب في  الصحراء ، بعد  ان  أصبح  ممولوه  الرئيسيون  في  الخليج  مشغولون  بمشاكلهم وبالحرب التي  استوطنت  منطقتهم  منذ  حرب  الخليج  الأولى  سنة  1991   فأصبحوا  أحوج  للمساعدة  منه. 
4 ـ أن  الجيش الصحراوي  لازال  قوة  في  استطاعته  إلحاق  الهزيمة  به، هذا   الجيش  الذي  تحول  بفعل 30 سنة  منها 18  من الحرب الضروس  إلى   جيش  ليس فقط  ذو مؤهلات  قتالية   رفيعة  ومعنويات متماسكة  وتجربة  عميقة، ولكن كذلك إلى  جيش  منظم  ومؤ طر.
 وفي  الأخير  يمكن  التوصل  إلى  الاستخلاصات  التالية:
1 ـ ان الطموحات التوسعية للمغرب  وفرنسا لا تشكل خطرا فقط  على الشعب  الصحراوي   لوحده،  ولكن على شعوب المنطقة  وفي مقدمتها  الشعب الجزائري
ذو  التجربة  التحريرية  الرائدة، إذ ان  هذا النظام  وحلفائه  إنما  حاولوا من خلال غزو الصحراء  الغربية، خلق ميزان  قوة  يكون للمغرب  فيها  دور الريادة  ومن خلاله  تحكم استعمار  الأمس  في  مصير شعوب  المنطقة.
2 ـإن أهم  الدروس  المستخلصة  والتي  يجب  ان   تؤسس لرؤية  استراتيجية  تلقي  بظلالها  على  كافة  مجلات  الصراع   مستقبلا، تتمثل  في  كون المغرب الدولة  القائمة  منذ  عصور  سحيقة،  وذات  العلاقات  الواسعة ، والامكانات البشرية  والمادية  الضخمة، وجد  نفسه   يسخر   كل  هذه  الإمكانيات  والعلاقات
في  مواجهته  لهذا  الجسم  الصغير  المتمثل في  جبهة  البوليساريو لدرجة  أنه استنفذ  ووظف احتياطه  الاستراتيجي  عسكريا  كان   أو  ماديا  أو سياسيا،  بل إن  مجمل السياسة  المغربية  تحولت  إلى سياسة  اتجاه  الصحراء  الغربية،  في  وقت  كان من المفروض  ان  الجزء  الأكبر من  هذه الامكانات  يوجه  لصراع اكبر ومع  قوى  اكبر وذلك حسب كل  مقاسات استراتيجيا  الحرب  المعروفة.
3 ـ انه  لا مجال لتوقيف  المخطط  التوسعي  الاستعماري  غير إلحاق  الهزيمة بمدبريه  ومنفذيه. وذلك  لن يتوفر بغير جيش  قوي ،فقوة  الجيش الصحراوي ليست  مطلبا  تكتيكيا بقدر ما هي ضرورة  استراتيجية  للحفاظ  على  توازن
وأمن  واستقرار  واستقلال  المنطقة.
4 ـ ان  تجربة 12 سنة من  توقيف  إطلاق  النار وانتظار حل لم  يعرف  النور  إنما  تؤكد  أن  الغاية  من ذلك  كانت  حماية  نظام  الرباط من معرفة  مصير
أشباهه  عبر العالم. وان استمرار هذه الوضعية  والحفاظ  عليها  إنما هو تكريس لهذه الحقيقة:حماية  المغرب من الهزيمة التي  ستطيح  بنظامه وليست بتاتا  إرادة  إقرار  القانون الدولي  والحقوق  المشروعة  للشعب  الصحراوي.

سفارة الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بالجزائر -1,شارع فرانكلين روزفلت 16000 الجزائر  رقم الهاتف :21747932-00213 الفاكس: 21747206- 00213        E-mail:info@ambrasd.org